سنة أولى زواج، سنة التعارف و التفاهم، و التأسيس
سنة أولى زواج، هي المفتاح الذي يُفتح به باب العمر المشترك، و البذرة التي تُغرس لتنمو شجرة الحياة الزوجية، فإمّا أن تؤتي أُكلها حبّاً و تفاهُماً، أو أن تعترضها رياح الخلاف و سوء التفاهم.
في هذه السنة، يكتشف الزوجان أنَّ الزواج ليس كما صورته الأحلام و الروايات الرومانسية، بل هو مزيج من الأفراح و التحديات. يرى كل طرف الآخر عن قرب، بدون أقنعة المجاملة أو زينة الخطوبة. يظهر التباين بين من يحب الهدوء و من يفضل الصخب الاجتماعي، و بين من يقدّر التفاصيل الصغيرة و من يراها ترفاً زائداً، و بين من يرى الحياة بلونٍ واحد و من يرى الألوان في كل شيء.
الاختلاف بين الزوجين ليس شرّاً مُطلقاً، بل هو لوحة تُزهر ألوانها إذا أحسن الطرفان التعامل معها. كما أنَّ الليل و النهار مختلفان و لكنهما يتكاملان، فكذلك الزوجان. قد تختلف عادات النشأة، و تتنوع الطبائع، و لكن إذا نظر كل طرف للاختلاف كفرصة للتعلّم لا للصراع، يتحول الزواج إلى رحلة تثري النفوس و تزيد القلوب قرباً.
في السنة الأولى يحتاج الزوجان إلى الصبر لإنّه مفتاح التفاهم و جسر العبور إلى الآخر. الانسجام لن يتحقق من أول يوم، بل يحتاج الأمر إلى صبر و وعي. كما يحتاج الغرس إلى وقت لينبت، يحتاج التفاهم إلى وقت لينمو. إن كان الاختلاف بحراً، فإنّ الحوار سفينة النجاة. لا يُراد بالحوار مجرد الكلام، بل الإنصات بقلوب مفتوحة و عقول واعية.
حين تشتعل نار الاختلاف، يكفيها قطرة ماء من التسامح لتُطفئها، قبل أن يتحول الاختلاف إلى خلاف.
إنَّ سنة أولى زواج هي العام الذي تُصاغ فيه القواعد التي تُبنى عليها السنوات القادمة. إذا تأسست العلاقة على ودٍّ صادق و تفاهم عميق، صمد الزواج أمام أعاصير الحياة و تقلباتها. و إذا سادها العناد و تغليب الذات، أصبحت العلاقة هشّة كبيت العنكبوت.
السنة الأولى من الزواج أشبه بالبذرة، فإن زُرِعت بالود و رُويت بالتفاهم، أثمرت أجيالاً من السعادة. و إن تُركت لتجف، أصبحت علاقة خاوية تذبل بمرور الأيام.
حتى تعبر السنة الأولى بسلام، لا تقل: “لماذا نختلف؟”، بل قل: “كيف نكمل بعضنا رغم الاختلاف؟”. فالاختلاف ليس خصماً، بل هو جزء من النسيج الزوجي. و كما يُزين التطريز الثوب، يُزين التفاهم الزواج.
في سنة أولى زواج، السعادة ليست حلماً يُنتظر، بل قرارٌ يُصنع، و سكينة تُبنى بلبنات من المودة و الرحمة.